التطور التاريخي لعلوم الحياة الأسرية

بسم الله الرحمن الرحيم

التطور التاريخي لعلم الاقتصاد المنزلي

مفهوم الاقتصاد المنزلي:

ـ  يعني  اقتصاد  ربة البيت لإدارة  وتدبير شؤون المنزل، من تقييم  الحاجيات  الضرورية لإستهلاك أهل  المنزل، ومقدار المصروفات اللازمة خلال وقت معلوم، وتوفير حاجيات ومتطلبات المنزل في حدود  الزمن  والموارد المتاحة لربة البيت، وعموما يشمل الاقتصاد  المنزلي  تدريب الأطفال على حسن  الاستهلاك  وعدم التبذير، في الملبس والمأكل .

ـ ويندرج ضمن مفهوم  الاقتصاد  المنزلي  مفهوم  ميزانية  العائلة  الإستهلاكية، (Family Budget) ، وهي عبارة عن التوازن بين الدخول النقدية والعينية  للعائلة، ومصروفاتها مع بيان مصادر  الدخل  وبنود المصروفات بالتفصيل،  وميزانية  العائلة ذات أهمية بالغة فهي تساعد إلى حد كبير في التحقق بدقة عن مستوى معيشة الأفراد وتعطي الأساس لكل نوع من أنواع حسابات  التخطيط .

فالاقتصاد المنزلي كميدان دراسة ومجال عمل مرتبط ارتباطا وثيقا بالاحتياجات اليومية للأفراد والأسرة وبالتالي المجتمع، فعلوم ميدان الاقتصاد المنزلي هي علوم الحياة من غذاء وكساء ومسكن وعلاقات أسرية ورعاية طفولة وإدارة منزل ... الخ، فهو مرتبط بحياة جميع أفراد الأسرة وبالتالي أفراد المجتمع كافة.

فهو علم يهتم بدراسة الأسرة واحتياجاتها ومقوماتها على مستوى المنزل والبيئة والمجتمع بقصد النهوض بها إلى حياة عائلية أفضل، فهو يهدف إلى جعل المنزل مريحا ومناسبا من الناحية المعيشية وسليما من الناحية الاقتصادية وصحيا من الناحية الجسمية والعقلية ومتزنا من الناحية البيئية والاجتماعية ليعيش الأفراد في جو من المحبة والتعاون والإحترام المتبادل فيما بينهم.

مراحل تطور ميدان الاقتصاد المنزلي ( علوم الحياة الأسرية):

تبنى مواد الاقتصاد المنزلي على أساس الاحتياجات الفعلية للأسرة والمجتمع، فالاقتصاد المنزلي بمفهومه القديم هو مجرد دراسات علمية في الطهي والغسيل والكي والتفصيل والخياطة ، التي لا تواكب الآن الأهداف الأساسية للأسرة والمجتمع، أي أنه كان يركز على المهارات العملية لأن نمط الحياة في ذلك الوقت كان منصبا على الجوانب العملية، فمثلا تعليم الفتاة فنون الحياكة والطهي والتطريز كان يعتبر أهم من تعليمها أسس التغذية السليمة وأنواع الأنسجة وكيفية معالجتها.

ونتيجة التطورات التي طالت المجتمعات تغير نمط الحياة وزادت أهمية الجانب العلمي لجميع أنشطة الحياة اليومية فتغير مفهوم ومضمون الاقتصاد المنزلي لمقابلة الاحتياجات الجديدة للأسرة والمجتمع ليصبح التركيز على الجانب العلمي واعتبار الأسرة هي محور الاهتمام.

 

               مراحل تطور الأسرة

                               مرحلة الاكتفاء الذاتي

                                                         

                              مرحلة التصنيع العائلي

                                       

                         مرحلة التقدم العلمي والتكنولوجي

                             

               مرحلة العولمة والثورة المعرفية والمعلوماتية     

وهذا يعني أن مراحل تطور ميدان الاقتصاد المنزلي سايرت تطور الأسرة الإنسانية من الماضي إلى الحاضر وقد اتسمت كل مرحلة بخصائص تميزها عن المرحلة الأخرى، وقد مرت الأسرة بأربع مراحل هي:


أولاـ مرحلة الاكتفاء الذاتي:

وهي المرحلة التي كانت فيها الأسرة تمثل وحدة إنتاجية استهلاكية تقوم على مبدأ الاكتفاء الذاتي في كل ما تحتاجه من سلع وخدمات، فهي تقوم بإنتاج ما يلزمها من غذاء وكساء وأدوات ومفروشات ... الخ، إضافة إلى القيام بالوظائف التعليمية والصحية والقضائية والترفيهية.

الاقتصاد المنزلي في هذه المرحلة لم يكن لها مناهج خاصة أو مقررات دراسية معينة فقد كانت الفتاة تتلقى تعليمها عن تبادل الخبرات الحياتية في نطاق الأسرة عن طريق أمها أو جدتها من واقع الحياة المشتركة عن طريق عمليات التدريب والممارسة، وأيضا عن طريق الجيران والمعارف من خلال التفاعل الاجتماعي.

ثانياـ مرحلة التصنيع العائلي البسيط( المرحلة الانتقالية):

وهي المرحلة التي انتقلت فيها الأسرة من مرحلة الاكتفاء الذاتي إلى مرحلة التعليم النظامي وبداية التقدم العلمي والتطور التكنولوجي الذي أدى إلى جعل المجتمع قوة إنتاجية بجانب الأسرة تساندها في إنتاج كثير من السلع والخدمات، وقد تميزت الأسرة في هذه المرحلة ببعض الخصائص التي تجمع بين القديم والحديث مثل:

ـ إنتاج جزء كبير مما تحتاجه من المآكل.

ـ القيام بصناعة المنسوجات أحيانا إلى جانب تصنيع الملابس وحياكتها.

ـ الاستعانة بالأدوات والأجهزة المنزلية المتطورة نسبيا.

وبتتبع تطور الاقتصاد المنزلي في هذه المرحلةنلاحظ أن تعليم المواد النسوية لم يلقى الاهتمام الكافي على الرغم من التطور العلمي والاهتمام بالعلم في شتى المجالات المختلفة إلا أنه لا زالت بدون مناهج دراسية وذلك لقصور النظرة العلمية إليه وإعتباره من الأعمال المنزلية التي لا تحتاج إلى فن أو مهارة وإنما يمكن للبنات إكتسابها عن طريق تبادل الخبرات من الأمهات والجدات والجيران والمعارف، كما أنه لم يكن هناك اسم ثابت لهذا العلم فقد ظهرت تسميات مختلفة في بعض الدول الأوربية مثل:

ـ العلوم النسوية.

ـ اقتصاديات المنزل.

ـ علوم المنزل.

ـ التدبير المنزلي.

ـ أشغال الإبرة.

ـ فنون المنزل أو الفنون الأسرية.

وأن القائمات بالتعليم لهذه العلوم لسن مختصات ولكنهن يقمن بالاجتهاد الشخصي وليس وفق منهج علمي تربوي وكان التعليم منصبا على المهارات العملية لأن الاقتصاد المنزلي في ذلك الوقت يهدف إلى إعداد الفتاة للحياة الزوجية المقبلة.

ثالثاـ مرحلة التطور العلمي والتكنولوجي:

زاد في هذه المرحلة اعتماد الأسرة على المجتمع الخارجي في توفير ما تحتاجه وتحولت بذلك من وحدة إنتاجية إلى وحدة استهلاكية وأصبحت وظيفة الأسرة تتجه نحو تنمية تعزيز شخصية الفرد مما دفع الأسرة إلى الاهتمام بقيمة العلم والتعليم وإكتساب المهارات المختلفة التي تساعدها على سهولة التكيف للمتغيرات المختلفة، كما أدى هذا التطور إلى دفع الأسرة نحو تعليم أبنائها وتشجيع المرأة للخروج إلى العمل مما كان له أكبر الأثر على تغيير نمط الحياة داخل الأسرة.

وتميزت الأسرة هنا بالاعتماد السوق الخارجي والاستفادة من التطبيقات العلمية والتكنولوجية في جميع مناح الحياة، فاستخدمت الأسرة الأطعمة المجهزة والنصف مجهزة، وإرتداء أفراد الأسرة الملابس الجاهزة، والاستعانة بالأجهزة والأدوات المنزلية.

ظهرت في هذه المرحلة الولايات المتحدة الأمريكية باسم " الاقتصاد المنزلي" ليشمل علم التغذية وصناعة الغذاء وحفظه، التربية الغذائية، وعلم النسيج، وكيمياء النسيج، طباعة النسيج وتصميمه، رعاية الطفل ونموه، تصميم وتأثيث المنزل، الأدوات والأجهزة المنزلية ... الخ.

وقد تبنت الولايات المتحدة الأمريكية المفهوم الحديث للاقتصاد المنزلي" الميدان العلمي والتطبيقي الذي يساعد الأسرة على استغلال امكاناتهم ومواردهم وبأكبر كفاءة ممكنة لإشباع حاجاتهم ورغباتهم المتعددة والمتنوعة للرفع من مستوى معيشة الأسرة والتهوض بها.

مجالات الاقتصاد المنزلي:

ـ الطفولة والعلاقات الأسرية.

ـ الغذاء والتغذية.

ـ إدارة المنزل واقتصاديات الأسرة.

ـ التفصيل والخياطة.

ـ المسكن وتأثيثه وأدواته.

رابعاـ مرحلة العولمة وثورة المعلومات:

فرضت التغيرات الحادثة على مستوى العالم ضرورة التأكيد على أهمية تنمية الثروة البشرية لتلبية الحاجات الأساسية للإنسان وتهيئة المناخ المناسب لإكتشاف وتنمية ورعاية قدرات الإنسان وإمكاناته.

تعد نهاية القرن العشرين بداية عصر العولمة وثورة الاتصالات والمعلومات، فالانسان اليوم يعيش في بيئة تحيط بها التكنولوجيا من كل حدب وصوب؛ الأمر الذي أدى إلى تغييرات جذرية في حياته وسلوكه ونظرته لما حوله، مفثلا نلاحظ أن متخذي القرار اليوم يستطيعون الولوج إلى الانترنت والحصول على المعلومات الدقيقة التي تساعدهم في التوصل إلى اتخاذ القرار السليم والتعرف على الامكانات والبدائل المتاحة.

كما أدت التكنولوجيا إلى إحداث تغيرات كبيرة على الكثير من المهن والوظائف ونوعية المهام والمسؤوليات.


آخر تحديث
9/29/2013 1:22:10 PM